لطيفة
قال الفخر :
خص تعالى ثواب الآخرة بالحسن تنبيها على جلالة ثوابهم، وذلك لأن ثواب الآخرة كله في غاية الحسن، فما خصه الله بأنه حسن من هذا الجنس فانظر كيف يكون حسنه، ولم يصف ثواب الدنيا بذلك لقلتها وامتزاجها بالمضار وكونها، منقطعة زائلة،
قال القفال رحمه الله : يحتمل أن يكون الحسن هو الحسن كقوله :﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [ البقرة : ٨٣ ] أي حسنا، والغرض منه المبالغة كأن تلك الأشياء الحسنة لكونها عظيمة في الحسن صارت نفس الحسن، كما يقال : فلان جود وكرم، إذا كان في غاية الجود والكرم، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٤ ـ ٢٥﴾
لطيفة
قال الفخر :
قال فيما تقدم :﴿وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ [ آل عمران : ١٤٥ ] فذكر لفظة "من" الدالة على التبعيض فقال في الآية :﴿فآتاهم الله ثَوَابَ الدنيا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخرة﴾ ولم يذكر كلمة "من" والفرق : أن الذين يريدون ثواب الآخرة إنما اشتغلوا بالعبودية لطلب الثواب، فكانت مرتبتهم في العبودية نازلة، وأما المذكورون في هذه الآية فإنهم لم يذكروا في أنفسهم إلا الذنب والقصور، وهو المراد من قوله :﴿اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا﴾ [ آل عمران : ١٤٧ ] ولم يروا التدبير والنصرة والإعانة إلا من ربهم، وهو المراد بقوله :﴿وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وانصرنا عَلَى القوم الكافرين﴾ [ آل عمران : ١٤٧ ] فكان مقام هؤلاء في العبودية في غاية الكمال، فلا جرم أولئك فازوا ببعض الثواب، وهؤلاء فازوا بالكل، وأيضاً أولئك أرادوا الثواب، وهؤلاء ما أرادوا الثواب.