أما في الإشراك بالربوبية فظاهر إذ كيف يأمر الله سبحانه باعتقاد أن خالق العالم اثنان مشتركان في وجوب الوجود والاتصاف بكل كمال، وأما الإشراك في الألوهية الذي عليه أكثر المشركين في عهد رسول الله ﷺ فلأنه يفضي إلى الأمر باعتقاد أشياء خلاف الواقع مما كان المشركون يعتقدونه في أصنامهم وقد ردّه عليهم، فقول عصام الملة : ونحن نقول الحجة على الإشراك تحت قدرته تعالى لو شاء أنزلها إذ لو أمر بإشراك الأصنام به في العبادة لوجبت العبادة لا أراه إلا حلا لعصام الدين لأن لا إله إلا الله المخاطب بها الثنوية والوثنية تأبى إمكان ذلك كما لا يخفى على من اطلع على معنى هذه الكلمة الطيبة رزقنا الله تعالى الموت عليها ولا جعلنا ممن أشركوا بالله تعالى ما لم ينزل به سلطاناً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٨٨﴾
فائدة
قال الفخر :
هذه الآية دالة على فساد التقليد، وذلك لأن الآية دالة على أن الشرك لا دليل عليه، فوجب أن يكون القول به باطلا، وهذا إنما يصح إذا كان القول باثبات ما لا دليل على ثبوته يكون باطلا، فيلزم فساد القول بالتقليد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٨﴾
قوله تعالى :﴿وَمَأْوَاهُمُ النار ﴾
قال الفخر :
واعلم أنه تعالى بين أن أحوال هؤلاء المشركين في الدنيا هو وقوع الخوف في قلوبهم، وبين أحوالهم في الآخرة، وهي أن مأواهم ومسكنهم النار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٨﴾
قوله تعالى ﴿وَبِئْسَ مثوى الظالمين﴾
قال الفخر :
المثوى : المكان الذي يكون مقر الأنسان ومأواه، من قولهم : ثوى يثوي ثويا، وجمع المثوى مثاوي. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٨﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَبِئْسَ مثوى الظالمين ﴾ أي مثواهم وإنما وضع الظاهر موضع الضمير للتغليظ والتعليل والإشعار بأنهم في إشراكهم ظالمون واضعون للشيء في غير موضعه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٨٨﴾
لطيفة
قال أبو حيان :
ونبه على الوصف الذي استحقوا به النار وهو الظلم، ومجاوزة الحد إذ أشركوا بالله غيره.
كما قال :﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٨٤﴾