ولما كان التقدير جواباً لإذا : سلطهم عليكم، عطف عليه قوله :﴿ثم صرفكم عنهم﴾ أي لاندهاشكم إتيانهم إليكم من ورائكم، وعطفه بثم لاستبعادهم للهزيمة بعد ما رأوا من النصرة ﴿ليبتليكم﴾ أي يفعل في ذلك فعل من يريد الاختبار في ثباتكم على الدين في حالي السراء والضراء.
ولما كان اختباره تعالى بعصيانهم شديد الإزعاج للقلوب عطف على قوله ﴿صرفكم﴾ ﴿ولقد عفا عنكم﴾ أي تفضلاً عليكم لإيمانكم ﴿والله﴾ الذي له الكمال كله ﴿ذو فضل على المؤمنين﴾ أي كافة، وهو من الإظهار في موضع الإضمار للتعميم وتعليق الحكم بالوصف. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٦٦ ـ ١٦٧﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن اتصال هذه الآية بما قبلها من وجوه :
الأول : أنه لما رجع رسول الله ﷺ وأصحابه إلى المدينة وقد أصابهم ما أصابهم بأحد، قال ناس من أصحابه : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر! فأنزل الله تعالى هذه الآية.
الثاني : قال بعضهم كان النبي ﷺ رأى في المنام أنه يذبح كبشا فصدق الله رؤياه بقتل طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين يوم أحد، وقتل بعده تسعة نفر على اللواء فذاك قوله :﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ﴾ يريد تصديق رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثالث : يجوز أن يكون هذا الوعد ما ذكره في قوله تعالى :﴿بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ] إلا أن هذا كان مشروطاً بشرط الصبر والتقوى.
والرابع : يجوز أن يكون هذا الوعد هو قوله :﴿وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ﴾ [ الحج : ٤٠ ] إلا أن هذا أيضاً مشروط بشرط.
والخامس : يجوز أن يكون هذا الوعد هو قوله :﴿سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب﴾ [ آل عمران : ١٥١ ]


الصفحة التالية
Icon