فائدة
قال الآلوسى :
وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة للإيذان بأن دعوته ﷺ كانت بطريق الرسالة من جهته تعالى مبالغة في توبيخ المنهزمين، روي أنه ﷺ كان ينادي إليّ عباد الله إليّ عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة وكان ذلك حين انهزم القوم وجدوا في الفرار قبل أن يصلوا إلى مدى لا يسمع فيه الصوت فلا ينافي ما تقدم عن كعب بن مالك أنه لما عرف رسول الله ﷺ ونادى بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله ﷺ أشار إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام أن أنصت لأن ذلك كان آخر الأمر حيث أبعد المنهزمون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٩١ ـ ٩٢﴾
قوله تعالى :﴿فأثابكم غَمّاً بِغَمّ﴾
فصل
قال الفخر :
لفظ الثواب لا يستعمل في الأغلب إلا في الخير، ويجوز أيضا استعماله في الشر، لأنه مأخوذ من قولهم : ثاب إليه عقله، أي رجع اليه، قال تعالى :﴿وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لّلنَّاسِ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ] والمرأة تسمى ثيباً لأن الواطىء عائد اليها، وأصل الثواب كل ما يعود إلى الفاعل من جزاء فعله سواء كان خيراً أو شراً، إلا أنه بحسب العرف اختص لفظ الثواب بالخير، فإن حملنا لفظ الثواب ههنا على أصل اللغة استقام الكلام، وإن حملناه على مقتضى العرف كان ذلك وارداً على سبيل التهكم، كما يقال : تحيتك الضرب، وعتابك السيف، أي جعل الغم مكان ما يرجون من الثواب قال تعالى :
﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [ التوبة : ٣٤ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٤﴾
فصل
قال الفخر :
الباء في قوله :﴿غَمّاً بِغَمّ﴾ يحتمل أن تكون بمعنى المعارضة، كما يقال : هذا بهذا أي هذا عوض عن ذاك، ويحتمل أن تكون بمعنى "مع" والتقدير : أثابهم غماً مع غم، أما على التقدير الأول ففيه وجوه :