وكتب : بمعنى فرض، أو قضى وحتم، أو خط في اللوح، أو كتب ذلك الملك عليهم وهم أجنة، أقوال.
ومعنى الآية : أنه لو تخلفتم في البيوت لخرج من حتم عليه القتل إلى مكان مصرعه فقتل فيه، وهذا رد على قول معتب، ودليل على أن كل امرىء له أجل واحد لا يتعداه.
فإنْ قيل : فهو الأجل الذي سبق له في الأزل وإلاّ مات لذلك الأجل، ولا فرق بين موته وخروج روحه بالقتل، أو بأي أسباب المرض، أو فجأه من غير مرض هو أجل واحد لكل امرىء وإن تعددت الأسباب.
وقد تكلم الزمخشري هنا بألفاظ مسهبة على عادته.
فقال : لو كنتم في بيوتكم يعني من علم الله أنه يقتل ويصرع في هذه المصارع وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، لم يكن بد من وجوده.
فلو قعدتم في بيوتكم لبرز من بينكم الذين علم الله أنهم يقتلون إلى مضاجعهم وهي مصارعهم، ليكون ما علم أنه يكون.
والمعنى : أن الله كتب في اللوح قتل من يقتل من المؤمنين، وكتب مع ذلك أنهم الغالبون لعلمه أن العاقبة في الغلبة لهم، وأن دين الإسلام يظهر على الدين كله.
وإنما ينكبون به في بعض الأوقات.
تمحيص لهم، وترغيب في الشهادة، وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة.
انتهى كلامه.
وهو نوع من الخطابة والمعنى في الآية واضح جداً لا يحتاج إلى هذا التطويل. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٩٦ ـ ٩٧﴾
سؤال : فإن قيل : قد سبق ذِكْرُ الابتلاء في قوله :﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ] فلم أعادَه ؟
فالجواب : أنه أعادهُ ؛ لطول الكلام بينهما، ولأن الابتلاء الأول هزيمة المؤمنين، والابتلاء الثاني سائر الأحوال.


الصفحة التالية
Icon