من فوائد أبى السعود فى الآية
قال رحمه الله :
وقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ ﴾ أي إن الغلبةَ بالآخرة لله تعالى ولأوليائه فإن حزبَ الله هم الغالبون أو إن التدبيرَ كلَّه لله فإنه تعالى قد دبر الأمرَ كما جرى في سابق قضائِه فلا مردَّ له وقرىء كلُّه بالرفع على الابتداء وقوله تعالى :﴿ يُخْفُونَ فِى أَنْفُسِهِم ﴾ أي يُضمرون فيها أو يقولون فيما بينهم بطريق الخُفية ﴿ مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ ﴾ استئنافٌ أو حال من ضمير يقولون وقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ الأمر ﴾ الخ، اعتراضٌ بين الحال وصاحبِها أي يقولون ما يقولون مُظْهِرين أنهم مسترشِدون طالبون للنصر مُبْطنين الإنكارَ والتكذيبَ، وقوله تعالى :﴿ يَقُولُونَ ﴾ استئنافٌ وقع جواباً عن سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل : أيَّ شيء يخفون ؟ فقيل : يحدثون أنفسَهم أو يقول بعضُهم لبعض فيما بينهم خُفيةً :﴿ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَىْء ﴾ كما وعد محمد عليه الصلاة والسلام من أن الغلبةَ لله تعالى ولأوليائه وأن الأمرَ كلَّه لله أو لو كان لنا من التدبير والرأيِّ شيءٌ ﴿ مَّا قُتِلْنَا هاهنا ﴾ أي ما غُلبنا أو ما قُتل مَنْ قُتل منا في هذه المعركةِ على أن النفيَ راجعٌ إلى نفس القتلِ لا إلا وقوعه فيها فقط، ولما برحنا من منازلنا كما رآه ابنُ أُبي ويؤيده تعيينُ مكانِ القتلِ وكذا قوله تعالى :﴿ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ ﴾ أي لو لم تخرُجوا إلى أُحُد وقعدتم بالمدينة كما تقولون ﴿ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل ﴾ أي في اللوح المحفوظِ بسبب من الأسباب الداعيةِ إلى البروز ﴿ إلى مَضَاجِعِهِمْ ﴾ إلى مصارعهم التي قدَّر الله تعالى قتلَهم فيها وقُتلوا هنالك ألبتةَ ولم تنفَعِ العزيمةُ على الإقامة بالمدينة قطعاً، فإن قضاءَ الله تعالى لا يُرَدّ وحكمُه لا يُعقَّب، وفيه مبالغةٌ في رد


الصفحة التالية
Icon