فقُضي أمرُ الله عز وجل في زمانه ومكانِه من غير إخلالٍ بشيء من ذلك، وقرىء كَتَبَ على البناء للفاعل ونصبِ القتلُ، وقرىء كُتب عليهم القتالُ وقرىء لبُرِّز بالتشديد على البناء للمفعول ﴿ وَلِيَبْتَلِىَ الله مَا فِى صُدُورِكُمْ ﴾ أي ليعاملَكم معاملةَ مَنْ يبتلي ما في صدوركم من الإخلاص والنفاقِ ويُظهرَ ما فيها من السرائر، وهو علةٌ لفعل مقدرٍ قبلها معطوفةٌ على علل لها أخرى مطويةٍ للإيذان بكثرتها، كأنه قيل : فعلَ ما فعل لمصالحَ جمةٍ وليبتليَ الخ، وجعلُها عِللاً لبَرَز يأباه الذوقُ السليمُ فإن مقتضى المقامِ بيانُ حكمةِ ما وقع يومئذ من الشدة والهولِ لا بيانُ حِكمةِ البروزِ المفروضِ، أو لفعلٍ مقدرٍ بعدها أي وللابتلاء المذكورِ فعلَ ما فعل، لا لعدم العنايةِ بأمر المؤمنين ونحو ذلك، وتقديرُ الفعل مقدماً خالٍ عن هذه المزية.
﴿ وَلِيُمَحّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ ﴾ من مخفيات الأمورِ ويكشِفَها أو يُخلِّصَها من الوساوس ﴿ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ أي السرائر والضمائرِ الخفيةِ التي لا تكاد تفارقُ الصدورَ بل تلازمها وتصاحبُها، والجملةُ إما اعتراضٌ للتنبيه على أن الله تعالى غنيٌ عن الابتلاء، وإنما يُبرِز صورةَ الابتلاءِ لتمرين المؤمنين وإظهارِ حالِ المنافقين، أو حالٌ من متعلَّق الفعلين أي فَعل ما فَعل للابتلاء والتمحيصِ والحال أنه تعالى غنيٌ عنهما مُحيطٌ بخفيات الأمورِ، وفيه وعدٌ ووعيد. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٠١ ـ ١٠٢﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
فى نصب أمنةً أربعة أوجه :
الأول : أنها مفعول " أنْزَلَ ".
الثاني : أها حال من " نُعَاساً " لأنها في الأصل - صفةٌ، فلما قُدِّمَتْ نُصِبت حالاً.


الصفحة التالية
Icon