الثالث : أنها مفعولٌ من أجْله، وهو فاسدٌ ؛ لاختلال شَرْطِهِ - وهو اتحادُ الفاعلِ - فإنّ فاعل " أنْزَلَ " غير فاعلِ الأمَنَةِ.
الرابع : أنه حالٌ من المخاطبين في " عَلَيْكُمْ " وفيه حينئذٍ - تأويلانِ :
إما على حَذْف مضافٍ - أى ذوى أمَنَةٍ - وإما أن يكون " أمَنَةً " جمع آمن، نحو بار وبَرَرَة، وكافر وكَفَرَة.
وأما " نُعَاساً " فإن أعْرَبْنا " أمَنَةً " مفعولاً به كان بدلاً، وهو بدل اشتمالٍ ؛ لأن كُلاًّ من الأمَنَةِ والنُّعَاسِ يشتملُ على الآخر، أو عطف بيان عند غير الجمهورِ ؛ فإنهم لا يشترطون جريانه في المعارِفِ، أو مفعولاً من أجلِهِ، وهو فاسدٌ ؛ لما تقدم وإن أعربنا " أمَنَةً " حالاً، كان " نُعَاساً " مفعولاً بـ " أنزَلَ " و" أنْزَلَ " عطف على " فأثَابَكُمْ " وفاعله ضمير اللهِ تَعَالى، و" أل " في " الْغَمِّ " للعهد ؛ لتقدُّم ذِكْره ورد أبو حيان على الزمخشريِّ كون " أمَنَةً " مفعولاً به بما تقدم، وفيه نظرٌ، فإن الزمخشريَّ قال أو مفعولاً له بمعنى نعستم أمنة. فقدر له عاملاً يتحد فاعله مع فاعل " أمَنَةً " فكأنه استشعر السؤال، فلذلك قدرَ عاملاً على أنه قد يُقال : إن الأمَنَةَ من اللهِ تَعَالَى، بمعنى أنهُ أوقعها بهم، كأنه قيل : أنزلَ عليكم النعاس ليُؤمِّنَكُمْ به.
و" أمَنَةً " كما يكون مصدراً لمن وقع به الأمن يكون مصدراً لمن أُوقِع به.
وقرأ لجمهور : أمَنَةً - بفتح الميم - إما مصدراً بمعنى الأمن، أو جمع آمن، على ما تقدم تفصيله. والنَّخَعِيُّ وابن محيصن - بسكون الميم وهو مصدرٌ فقط، والأمْن والأمَنة بمعنًى واحدٍ، وقيل الأمْنُ يكون مع زوالِ سببِ الخَوفِ، والأمَنة مع بقاء سببِ الخوفِ.