و " بالله " إما متعلِّق بمحذوف على جَعله مفعولاً ثانياً، وإما بفعل الظنِّ - على ما تقدم - وإضافة الظنِّ إلى الجاهلية، قال الزمخشريُّ :" كقولك : حاتم الجود، ورجل صدقٍ، يريد : الظنَّ المختص بالملة الجاهلية، ويجوز أن يراد ظن أهل الجاهلية ".
وقال غيره : المعنى : المدة الجاهلية، أي : القديمة قبل الإسلامِ، نحو ﴿ حَمِيَّةَ الجاهلية ﴾ [ الفتح : ٢٦ ]
قوله :﴿ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ ﴾ " من " - في ﴿ مِن شَيْءٍ ﴾ - زائدة في المبتدأ، وفي الخبر وجهانِ :
أحدهما - وهو الأصحُّ- : أنه " لَنَا " فيكون ﴿ مِنَ الأمر ﴾ في محل نصبٍ على الحالِ من " شَيءٍ " لأنه نعتُ نكرة، قدم عليها، فنصب حالاً، وتعلق بمحذوفٍ.
الثاني :- أجازه أبو البقاء - أن يكون ﴿ مِنَ الأمر ﴾ هو الخبر، و" لنا " تبيين، وبه تتم الفائدةُ كقوله :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ [ الإخلاص : ٤ ].
وهذا ليس بشيء ؛ لأنه إذا جعله للتبيين فحينئذٍ يتعلق بمحذوفٍ، وإذا كان كذلك فيصير " لَنَا " من جملة أخرى، فتبقى الجملةُ من المبتدأ والخبر غير مستقلةٍ بالفائدةِ، وليس نظيراً لقوله :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ فإن " لَهُ " فيها متعلق بنفس " كُفُواً " لا بمحذوفٍ، وهو نظيرُ قولكَ : لم يكن أحدٌ قاتلاً لبكرٍ. ف " لبكر " متعلق بنفس الخبر. وهل هنا الاستفهام عن حقيقته، أم لا ؟ فيه وجهانِ :
أظهرهما : نَعَمْ، ويعنون بالأمر : النصر والغلبة.
والثاني : أنه بمعنى النفي، كأنهم قالوا : ليس لنا من الأمر - أي النصر - شيء، وإليه ذَهَبَ قتادةُ وابنُ جُرَيْجٍ.


الصفحة التالية
Icon