وقال ابن عاشور :
واللَّيُّ مجاز بمعنى الرّحمة والرفق مثل العطف في حقيقته ومجازه، فالمعنى ولا يلوي أحد عن أحد فأوجز بالحذف، والمراد على أحد منكم، يعني : فررتم لا يرحم أحد أحداً ولا يرفق به، وهذا تمثيل للجدّ في الهروب حتَّى إنّ الواحد ليدوس الآخر لو تعرّض في طريقه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٥٤﴾
قوله تعالى :﴿والرسول يَدْعُوكُمْ﴾
قال الفخر :
﴿والرسول يَدْعُوكُمْ﴾ كان يقول :" إليَّ عباد الله أنا رسول الله من كر فله الجنة " فيحتمل أن يكون المراد أنه عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم إلى نفسه حتى يجتمعوا عنده، ولا يتفرقوا، ويحتمل أن يكون المراد أنه كان يدعوهم إلى المحاربة مع العدو.
ثم قال :﴿فِى أُخْرَاكُمْ﴾ أي آخركم، يقال : جئت في آخر الناس وأخراهم، كما يقال : في أولهم وأولاهم، ويقال : جاء فلان في أخريات الناس، أي آخرهم، والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام كان يدعوهم وهو واقف في آخرهم، لأن القوم بسبب الهزيمة قد تقدموه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٣ ـ ٣٤﴾
وقال العلامة ابن عطية ولله دره :
قوله تعالى :﴿ في أخراكم ﴾ مدح للنبي عليه السلام فإن ذلك هو موقف الأبطال في أعقاب الناس، ومنه قول الزبير بن باطا ما فعل مقدمتنا إذ حملنا وحاميتنا إذ فررنا، وكذلك كان رسول الله ﷺ أشجع الناس، ومنه قول سلمة بن الأكوع كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٥٢٦﴾


الصفحة التالية
Icon