وما أحسن ما قال عنترة في نحوه وهو جاهلي، فالمؤمن أولى منه بمثل ذلك :
بكرت تخوفني الحتوف كأنني...
أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل
فأجبتها إن المنية منهل...
لا بد أن أسقى بكأس المنهل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي...
أني امرؤ سأموت إن لم أقتل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٧٢ ـ ١٧٣﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ الله أَوْ مُتُّمْ ﴾ شروعٌ في تحقيق أن ما يحذرون ترتُّبَه على الغزو والسفر من القتل والموتِ في سبيل الله تعالى ليس مما ينبغي أن يُحذر، بل مما يجب أن يتنافسَ فيه المتنافسون إثرَ إبطالِ ترتُّبِه عليهما. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٠٤﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
اعلم أن هذا هو الجواب الثاني عن شبهة المنافقين، وتقريره أن هذا الموت لا بد واقع ولا محيص للإنسان من أن يقتل أو يموت، فإذا وقع هذا الموت أو القتل في سبيل الله وفي طلب رضوانه، فهو خير من أن يجعل ذلك في طلب الدنيا ولذاتها التي لا ينتفع الإنسان بها بعد الموت ألبتة، وهذا جواب في غاية الحسن والقوة، وذلك لأن الإنسان إذا توجه إلى الجهاد أعرض قلبه عن الدنيا وأقبل على الآخرة، فإذا مات فكأنه تخلص عن العدو ووصل إلى المحبوب، وإذا جلس في بيته خائفا من الموت حريصاً على جمع الدنيا، فإذا مات فكأنه حجب عن المعشوق وألقي في دار الغربة، ولا شك في كمال سعادة الأول، وكمال شقاوة الثاني. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٤٧﴾


الصفحة التالية
Icon