ومن فوائد صاحب المنار فى الآيات السابقة
قال رحمه الله :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾
لَمَّا بَيَّنَ اللهُ - سُبْحَانَهُ - وَتَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّ هَزِيمَةَ مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَتْ بِوَسْوَاسٍ مِنَ الشَّيْطَانِ اسْتَزَلَّهُمْ فَزَلُّوا أَرَادَا أَنْ يُحَذِّرَهُمْ مِنْ مِثْلِ تِلْكَ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي أَفْسَدَ الشَّيْطَانُ بِهَا قُلُوبَ الْكَافِرِينَ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا أَيْ لَا تَكُونُوا مِثْلَ هَذَا الْفَرِيقِ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِأَجْلِ إِخْوَانِهِمْ أَوْ فِي شَأْنِ إِخْوَانِهِمْ فِي النَّسَبِ أَوِ الْمَوَدَّةِ وَالْمَذْهَبِ، إِذَا هُمْ ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ - أَيْ سَافَرُوا فِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ - فَمَاتُوا، أَوْ كَانُوا غُزًّى
أَيْ غُزَاةً - وَهُوَ جَمْعٌ لِغَازٍ مِنَ الْجُمُوعِ النَّادِرَةِ وَمِثْلُهُ عُفًّى جَمْعُ عَافٍ - سَوَاءٌ كَانَ غَزْوُهُمْ فِي وَطَنِهِمْ أَوْ فِي بِلَادٍ أُخْرَى فَقُتِلُوا : لَوْ كَانُوا مُقِيمِينَ عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا، أَيْ مَا مَاتَ أُولَئِكَ الْمُسَافِرُونَ، وَمَا قُتِلَ أُولَئِكَ الْغَازُونَ، وَقَرْنُ هَذَا الْقَوْلِ بِالْكُفْرِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مُؤْمِنٍ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْدُرُ مِنَ الْكَافِرِينَ وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ.


الصفحة التالية
Icon