حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى مَنْ فُقِدَ مِنْ إِخْوَانِهِمْ، وَيَزِيدُهُمْ ضَعْفًا وَيَرِثُهُمْ نَدَمًا عَلَى تَمْكِينِهِمْ إِيَّاهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِمَا ظَنُّوهُ سَبَبًا ضَرُورِيًّا لِلْمَوْتِ، فَإِنَّكُمْ إِذَا كُنْتُمْ مِثْلَهُمْ فِي ذَلِكَ يُصِيبُكُمْ مِنَ الْحَسْرَةِ مِثْلَ مَا يُصِيبُهُمْ، وَتَضْعُفُونَ عَنِ الْقِتَالِ كَمَا يَضْعُفُونَ، فَلَا يَكُونُ لَكُمُ امْتِيَازٌ عَلَيْهِمْ بِالْبَصِيرَةِ النَّيِّرَةِ الَّتِي يَرَى صَاحِبُهَا أَنَّ الَّذِي وَقَعَ هُوَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَا يَتَحَسَّرُ عَلَيْهِ، وَلَا بِالْإِيمَانِ الَّذِي لَا يَزِيدُ ذَلِكَ صَاحِبَهُ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا.
وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ أَيْ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ بِمُقْتَضَى سُنَنِهِ فِي بَقَاءِ أَسْبَابِ الْحَيَاةِ وَإِنْ طَوَى بِالْأَسْفَارِ بِسَاطَ كُلِّ بَرٍّ، وَنَشَرَ شِرَاعَ كُلِّ بَحْرٍ، وَخَاضَ مَعَامِعَ الْحُرُوبِ، وَصَارَعَ الْأَهْوَالَ وَالْخُطُوبَ. وَيُمِيتُ مَنْ يَشَاءُ بِمُقْتَضَى سُنَنِهِ فِي أَسْبَابِ الْمَوْتِ وَإِنِ اعْتَصَمَ فِي الْحُصُونِ الْمُشَيَّدَةِ، وَحُرِسَ بِالْجُنُودِ الْمُجَنَّدَةِ، وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا تُكِنُّونَ فِي أَنْفُسِكُمْ مِنَ الِاعْتِقَادِ، وَمَا يُؤَثِّرُ فِي قُلُوبِكُمْ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَحْوَالِ، فَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ تَرْكُكُمْ لِأَقْوَالِ الْكُفَّارِ نَاشِئًا عَنْ طَهَارَةِ نُفُوسِكُمْ مِنْ وَسَاوِسِهِمْ.


الصفحة التالية
Icon