فتخذلوا، فإنه ما كان لكم أن تغلوا، وما كان أي ما حل لنبي أي من الأنبياء قط أن يغل، أي لم أخصكم بهذه الشريعة بل ما كان في شرع نبي قط إباحة الغلول، فلا تفعلوه ولا تقاربوه بنحو الاستباق إلى النهب، فإن ذلك يسلب كمال التوكل، فإنه من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه، فيوجب له الخذلان، روى الطبراني في الكبير- قال الهيثمي : ورجاله ثقات - عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :" بعث النبي ﷺ جيشاً فردت رايته.
ثم بعث فردت، ثم بعث فردت بغلول رأس غزال من ذهب، فنزلت ﴿وما كان لنبي أن يغل﴾ ".
ولما كان فعلهم ذلك محتملاً لقصدهم الغلول ولخوفهم من غلول غيرهم عمم في التهديد بقوله :﴿ومن يغلل﴾ أي يقع منه ذلك كائناً من كان ﴿يأت بما غل يوم القيامة﴾ ومن عرف كلام أهل اللغة في الغلول عرف صحة قولي : إنه لمطلق الخيانة، وإنه يجوز أن يكون التقدير : وما كان لأحد أن يفعل ما يؤدي - ولو وعلى بعد - إلى نسبة نبي إلى غلول، قال صاحب القاموس : أغل فلاناً : نسبه إلى الغلول والخيانة، وغل غلولاً : خان - كأغل، أو خاص بالفيء، وقال الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه الواعي : أغل الرجل أغلالاً - إذا خان، فهو مغل وغل في المغنم يغل غلولاً، وقرىء : أن يَغُل، وأن يُغَل، فمن قرأ : يَغُل - أراد : يخون، ومن قرأ : يُغَل - أراد : يخان، ويجوز أن يريد : لا ينسب إلى الخيانة وكل من خان شيئاً في خفاء فقد غل يغل غلولاً، ويسمى الخائن غالاً، وفي الحديث