الأول : أن إذن الله عبارة عن التخلية وترك المدافعة، استعار الإذن لتخلية الكفار فإنه لم يمنعهم منهم ليبتليهم، لأن الإذن في الشيء لا يدفع المأذون عن مراده، فلما كان ترك المدافعة من لوازم الإذن أطلق لفظ الإذن على ترك المدافعة على سبيل المجاز.
الوجه الثاني : فباذن الله : أي بعلمه كقوله :﴿وَأَذَانٌ مّنَ الله﴾ [ التوبة : ٣ ] أي إعلام، وكقوله :﴿آذناكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ﴾ [ فصلت : ٤٧ ] وقوله :﴿فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ الله﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ] وكل ذلك بمعنى العلم.
طعن الواحدي فيه فقال : الآية تسلية للمؤمنين مما أصابهم ولا تقع التسلية إلا إذا كان واقعا بعلمه، لأن علمه عام في جميع المعلومات بدليل قوله تعالى :﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ﴾ [ فاطر : ١١ ].
الوجه الثالث : أن المراد من الإذن الأمر، بدليل قوله :﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ] والمعنى أنه تعالى لما أمر بالمحاربة، ثم صارت تلك المحاربة مؤدية إلى ذلك الانهزام، صح على سبيل المجاز أن يقال حصل ذلك بأمره.
الوجه الرابع : وهو المنقول عن ابن عباس : أن المراد من الإذن قضاء الله بذلك وحكمه به وهذا أولى لأن الآية تسلية للمؤمنين مما أصابهم، والتسلية إنما تحصل إذا قيل إن ذلك وقع بقضاء الله وقدره، فحينئذ يرضون بما قضى الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٨﴾
قوله تعالى ﴿وَلِيَعْلَمَ المؤمنين﴾