أجابوا عنه بأنه يُحْمل على التبيُّن - أي : وما تبين إصابته إياكم - كما تأولوا قوله :﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ ﴾ [ يوسف : ٢٦ ] - أي تبين - وهذا شرطٌ صريحٌ، وإذا صحَّ هذا التأويل فلْنَجْعَل " ما " - هنا - شرطاً صريحاً، وتكون الفاء داخلة وجوباً ؛ لكونها واقعة جواباً للشرط.
وقال ابنُ عطية :" يحسن دخولُ الفاء إذا كان سببَ الإعطاء، وكذلك ترتيبُ هذه، فالمعنى إنما هو : وما أذن الله فيه فهو الذي أصابكم، لكن قدم الأهم في نفوسهم، والأقرب إلى حسّهم. والإذن : التمكينُ من الشيء مع العلم به ".
وهذا حسنٌ من حيثُ المعنى ؛ فإن الإصابة مرتبة على الإذْن من حيث المعنى، وأشار بقوله : الأهم والأقرب، إلى ما أصابهم يوم التقى الجَمْعَانِ.
قوله :﴿ وَلِيَعْلَمَ المؤمنين ﴾ في هذه اللام قولان :
أحدهما : أنها معطوفة على معنى قوله :﴿ فَبِإِذْنِ الله ﴾ عطف سبب على سبب، فتتعلق بما تتعلق به الباء.
الثاني : أنها متعلقة بمحذوف، أي : وليعلم فعل ذلك - أي : أصابكم - والأول أولى - وقد تقدم أن معنى : وليعلم الله كذا : أي يُبَيِّن، أو يظهر للناس ما كان في علمه، وزعم بعضهم أن ثَمَّ مضافاً، أي : ليعلم إيمان المؤمنين، ونفاق المنافقين، ولا حاجة إليه. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٣٨ ـ ٣٩﴾. بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon