الثاني : أن تكون معطوفة على " نافقوا " فتكون داخلة في صلة الموصول، أي : ليعلم الذين حصل منهم النفاقُ والقول بكذا و" تعالوا " و" قاتلوا " كلاهما قام مقام الفاعل لـ " قيل " لأنه هو المقول. قال أبو البقاء : إنما لم يأتي بحرف العطف - يعني بين " تعالوا " و" قاتلوا " - لأنه أراد أن يجعل كل واحدةٍ من الجملتين مقصودة بنفسها، ويجوز أن يقال : إن المقصودَ هو الأمر بالقتال، و" تعالوا " ذكر ما لو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه.
وقيل : الأمر الثاني حال.
يعني بقوله :" تعالوا " ذكر ما لو سكت، أن المقصود إنما أمرهم بالقتال، لا مجيئهم وحده، وجعله " قاتلوا " حالاً من " تعالوا " فاسد ؛ لأن الجملة الحالية يُشْتَرط أن تكونَ خبرية، وهذه طلبية.
قوله :" أو ادفعوا " " أو " - هنا - على بابها من التخيير والإباحة.
وقيل : بمعنى الواو ؛ لأنه طلب منهم القتال والدفع، والأول أصح.
وقوله :﴿ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً ﴾ إنما لم يَأتِ - في هذه الجُمْلة - بحرف عطف ؛ لأنها جواب لسؤال سائل كأنه قيل : فما قالوا - لما قيل لهم ذلك - ؟ فأجيب بأنهم قالوا ذلك. و" نعلم " - وإن كان مضارعاً - معناه المُضِيّ ؛ لأن " لو " تخص المضارع، إذا كانت لما سيقع لوقوع غيره، ونكَّر " قتالاً " للتقليل، أي : لو علمنا بعض قتال ما. وهذا جواب المنافقين حين قيل لهم :﴿ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَوِ ادفعوا ﴾ فقال تعالى :﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ ﴾.
" هم " مبتدأ، و" أقرب " خبره، وهو أفعل تفضيل، و" للكفر " متعلق به، وكذلك " للإيمان ".
فإن قيل : لا يتعلق حرفا جر - متحدان لفظاً ومعنىً - بعامل واحد، إلا أن يكونَ أحدهما معطوفاً على الآخر، أو بدلاً منه، فكيف تعلقا بـ " أقرب " ؟


الصفحة التالية
Icon