وقال الآلوسى :
﴿ فَادْرَءوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ ﴾ أي فادفعوا عنها ذلك وهو جواب لشرط قد حذف لدلالة قوله تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ عليه كما أنه شرط حذف جوابه لدلالة ﴿ فَادْرَءوا ﴾ عليه، ومن جوز تقدم الجواب لم يحتج لما ذكر ؛ ومتعلق الصدق هو ما تضمنه قولهم من أن سبب نجاتهم القعود عن القتال، والمراد أن ما ادعيتموه سبب النجاة ليس بمستقيم ولو فرض استقامته فليس بمفيد، أما الأول : فلأن أسباب النجاة كثيرة غايته أن القعود والنجاة وجدا معاً وهو لا يدل على السببية، وأما الثاني : فلأن المهروب عنه بالذات هو الموت الذي القتل أحد أسبابه فإن صح ما ذكرتم فادفعوا سائر أسبابه فإن أسباب الموت في إمكان المدافعة بالحيل وامتناعها سواء، وأنفسكم أعز عليكم وأمرها أهمّ لديكم، وقيل : متعلق الصدق ما صرح به من قولهم :﴿ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ﴾ والمعنى أنهم لو أطاعوكم وقعدوا لقتلوا قاعدين كما قتلوا مقاتلين، وحينئذ يكون ﴿ فَادْرَءوا ﴾ الخ استهزاءاً بهم أي إن كنتم رجالاً دفاعين لأسباب الموت فادرءوا جميع أسبابه حتى لا تموتوا كما درأتم بزعمكم هذا السبب الخاص، وفي "الكشاف" "روي أنه مات يوم قالوا هذه المقالة منهم سبعون منافقاً" بعدد من قتل بأحد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٢٠ ـ ١٢١﴾
من فوائد القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى ﴿ الذين قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾ معناه لأجل إخوانهم، وهم الشهداء المقتولون من الخَزْرَج ؛ وهم إخوة نسب ومجاورة، لا إخوة الدِّين.
أي قالوا لهؤلاء الشهداء : لو قعدوا، أي بالمدينة ما قتِلوا.
وقيل : قال عبد الله بن أبيّ وأصحابُه لإخوانهم، أي لأشكالهم من المنافقين : لو أطاعونا، هؤلاء الذين قُتِلوا، لمَا قتِلوا.
وقوله :﴿ لَوْ أَطَاعُونَا ﴾ يريد في ألاّ يخرجوا إلى قريش.


الصفحة التالية
Icon