والوجه الثاني : أن يكون قوله :﴿هُمْ درجات﴾ عائدا على ﴿مِّن بَاءَ بِسَخَطٍ مّنَ الله﴾ والحجة أن الضمير عائد إلى الأقرب وهو قول الحسن، قال : والمراد أن أهل النار متفاوتون في مراتب العذاب، وهو كقوله :﴿وَلِكُلّ درجات مّمَّا عَمِلُواْ﴾ [ الأحقاف : ١٩ ] وعن رسول الله ﷺ :" أن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل يحذى له نعلان من نار يغلي من حرهما دماغه ينادي يا رب وهل أحد يعذب عذابي ".
الوجه الثالث : أن يكون قوله :﴿هُمْ﴾ عائدا إلى الكل، وذلك لأن درجات أهل الثواب متفاوتة، ودرجات أهل العقاب أيضا متفاوتة على حسب تفاوت أعمال الخلق، لأنه تعالى قال :﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه﴾ [ الزلزلة : ٧، ٨ ] فلما تفاوتت مراتب الخلق في أعمال المعاصي والطاعات وجب أن تتفاوت مراتبهم في درجات العقاب والثواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٢﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿عَندَ الله﴾ أي في حكم الله وعلمه، فهو كما يقال : هذه المسألة عند الشافعي كذا، وعند أبي حنيفة كذا، وبهذا يظهر فساد استدلال المشبهة بقوله :﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ] وقوله :﴿عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ﴾ [ القمر : ٥٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٣﴾
قوله تعالى :﴿والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾
قال الفخر :
المقصود أنه تعالى لما ذكر أنه يوفي لكل أحد بقدر عمله جزاء، وهذا لا يتم إلا إذا كان عالما بجميع أفعال العباد على التفصيل الخالي عن الظن والريب والحسبان، أتبعه ببيان كونه عالما بالكل تأكيدا لذلك المعنى، وهو قوله :﴿والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٣﴾
فصل
قال الفخر :