وذكر محمد بن إسحاق صاحب المغازي في تأويل قوله :﴿وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ﴾ [ آل عمران : ١٦١ ] وجها آخر فقال : ما كان لنبي أن يغل أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم رغبة في الناس أو رهبة عنهم ثم قال :﴿أَفَمَنِ اتبع رضوان الله﴾ يعني رجح رضوان الله على رضوان الخلق، وسخط الله على سخط الخلق، ﴿كَمَن بَاء بِسَخَطٍ مّنَ الله﴾ فرجح سخط الخلق على سخط الله، ورضوان الخلق على رضوان الله، ووجه النظم على هذا التقرير أنه تعالى لما قال :﴿فاعف عَنْهُمْ واستغفر لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأمر﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ] بين أن ذلك إنما يكون معتبرا إذا كان على وفق الدين، فأما إذا كان على خلاف الدين فإنه غير جائز، فكيف يمكن التسوية بين من اتبع رضوان الله وطاعته، وبين من اتبع رضوان الخلق، وهذا الذي ذكره محتمل، لأنا بينا أن الغلول عبارة عن الخيانة على سبيل الخفية، وأما أن اختصاص هذا اللفظ بالخيانة في الغنيمة فهو عرف حادث. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٣﴾
فوائد بلاغية
قال أبو حيان :
وتضمنت هذه الآيات الطباق في : ينصركم ويخذلكم، وفي رضوان الله وبسخط.
والتكرار في : ينصركم وينصركم، وفي الجلالة في مواضع.
والتجنيس المماثل : في يغل وما غل.
والاستفهام الذي معناه في : أفمن اتبع الآية.
والاختصاص في : فليتوكل المؤمنون، وفي : وما كان لنبي، وفي : بما يعملون خص العمل دون القول لأن العمل جل ما يترتب عليه الجزاء.
والحذف في عدة مواضع. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ١٠٨﴾