الأول : أنه تعالى لما بين خطأ من نسبه إلى الغلول والخيانة أكد ذلك بهذه الآية، وذلك لأن هذا الرسول ولد في بلدهم ونشأ فيما بينهم، ولم يظهر منه طول عمره إلا الصدق والأمانة والدعوة إلى الله والإعراض عن الدنيا، فكيف يليق بمن هذا حاله الخيانة.
الوجه الثاني : أنه لما بين خطأهم في نسبته إلى الخيانة والغلول قال : لا أقنع بذلك ولا أكتفي في حقه بأن أبين براءته عن الخيانة والغلول، ولكني أقول : إن وجوده فيكم من أعظم نعمتي عليكم فإنه يزكيكم عن الطريق الباطلة، ويعلمكم العلوم النافعة لكم في دنياكم وفي دينكم، فأي عاقل يخطر بباله أن ينسب مثل هذا الإنسان إلى الخيانة.
الوجه الثالث : كأنه تعالى يقول : إنه منكم ومن أهل بلدكم ومن أقاربكم، وأنتم أرباب الخمول والدناءة، فإذا شرفه الله تعالى وخصه بمزايا الفضل والاحسان من جميع العالمين، حصل لكم شرف عظيم بسبب كونه فيكم، فطعنكم فيه واجتهادكم في نسبة القبائح إليه على خلاف العقل.
الوجه الرابع : أنه لما كان في الشرف والمنقبة بحيث يمن الله به على عباده وجب على كل عاقل أن يعينه بأقصى ما يقدر عليه، فوجب عليكم أن تحاربوا أعداءه وأن تكونوا معه باليد واللسان والسيف والسنان، والمقصود منه العود إلى ترغيب المسلمين في مجاهدة الكفار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٣ ـ ٦٤﴾
قال السمرقندى :
وقد كانت له فضيلة في ثلاثة أشياء : أحدها : أنه كان من نسب شريف لأنهم اتفقوا أن العرب أفضل، ثم من العرب قريش، ثم من قريش بنو هاشم، فجعله من بني هاشم.
والثاني : أنه كان أميناً فيهم قبل الوحي.
والثالث : أنه كان أمياً لكي لا يرتاب فيه الافتعال. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٢٨٧﴾