سبب تعجبهم أنهم قالوا نحن ننصر الإسلام الذي هو دين الحق، ومعنا الرسول، وهم ينصرون دين الشرك بالله والكفر، فكيف صاروا منصورين علينا!
واعلم أنه تعالى أجاب عن هذه الشبهة من وجهين : الأول : ما أدرجه عند حكاية السؤال وهو قوله ﴿قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا﴾ يعني أن أحوال الدنيا لا تبقى على نهج واحد، فإذا أصبتم منهم مثل هذه الواقعة.
فكيف تستبعدون هذه الواقعة ؟
والثاني : قوله قل :﴿هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٦ ـ ٦٧﴾
قوله تعالى ﴿هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ﴾
فصل
قال الفخر :
تقرير هذا الجواب من وجهين :
الأول : أنكم إنما وقعتم في هذه المصيبة بشؤم معصيتكم وذلك لأنهم عصوا الرسول في أمور :
أولها : أن الرسول عليه السلام قال : المصلحة في أن لا نخرج من المدينة بل نبقى ههنا، وهم أبوا إلا الخروج، فلما خالفوه توجه إلى أحد.
وثانيها : ما حكى الله عنهم من فشلهم.
وثالثها : ما وقع بينهم من المنازعة.
ورابعها : أنهم فارقوا المكان وفرقوا الجمع.
وخامسها : اشتغالهم بطلب الغنيمة وإعراضهم عن طاعة الرسول عليه السلام في محاربة العدو، فهذه الوجوه كلها ذنوب ومعاصي، والله تعالى إنما وعدهم النصر بشرط ترك المعصية، كما قال :﴿إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ] فلما فات الشرط لا جرم فات المشروط.