ورَوى أبو داود عن جابر قال : رُمِيَ رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرِج في ثيابه كما هو.
قال : ونحن مع رسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الصلاة عليهم فاختلف العلماء في ذلك أيضاً ؛ فذهب مالك واللّيث والشافعيّ وأحمد وداود إلى أنه لا يُصلّى عليهم ؛ لحديث جابر قال :" كان النبي ﷺ يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول :"أيُّهما أكثر أخْداً للقرآن" ؟ فإذا أُشير له إلى أحدِهما قدّمه في اللَّحد وقال :"أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة" وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يُغسّلوا ولم يُصل عليهم " وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام : يصلى عليهم.
وروَوْا آثاراً كثيرة أكثرها مراسيل.
أن النبيّ ﷺ صلّى على حمزة وعلى سائر شهداء أُحد.
وأجمع العلماء على أن الشّهيد إذا حُمل حَيّاً ولم يَمت في الْمعتَرَك وعاش وأكلَ فإنه يصلى عليه ؛ كما قد صُنع بعمر رضي الله عنه.
واختلفوا فيمن قُتل مظلوماً كقتيل الخوارج وقُطّاع الطريق وشبه ذلك ؛ فقال أبو حنيفة والثّوري : كل من قتل مظلوماً لم يُغسّل، ولكنه يصلى عليه وعلى كل شهيد ؛ وهو قول سائر أهلِ العِراق.
ورَوَوْا من طُرِق كثيرةٍ صحاح عن زيد بن صُوحان، وكان قتل يوم الجَمَل : لا تَنزِعوا عنّي ثوباً ولا تَغسِلوا عني دَماً.
وثبت عن عمار بن ياسر أنه قال مثلَ قول زيد ابن صُوحان.
وقُتل عمار بن ياسِر بِصفّين ولم يغسّله عليّ.
وللشافعي قولان : أحدهما يُغسّل كجميع الموتى إلا من قتله أهل الحرب ؛ وهذا قول مالك.
قال مالك : لا يُغسّل من قتله الكفار ومات في المُعترك.
وكل مقتول غيرِ قتيلِ المُعتَرك قتيل الكفار فإنه يُغسّل ويُصلَّى عليه.
وهذا قول أحمد ابن حنبل رضي الله عنه.
والقول الآخر للشافعيّ لا يُغسّل قتيل البُغاة.