فائدة
قال ابن عاشور :
الظاهر أنّ هذا أنزل في شأن أحوال المنافقين، فإنّهم كانوا يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، كما حكى الله عنهم في سورة النساء ( ٣٧ ) بقوله :﴿ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ﴾ وكانوا يقولون : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضُّوا، وغير ذلك، ولا يجوز بحال أن يكون نازلاً في شأن بعض المسلمين لأنّ المسلمين يومئذ مبرّؤون من هذا الفعل ومن هذا الحسبان، ولذلك قال معظم المفسّرين : إنّ الآية نزلت في منع الزكاة، أي فيمن منعوا الزكاة، وهل يمنعها يومئذ إلاّ منافق.
ولعلّ مناسبة ذكر نزول هذه الآية هنا أنّ بعضهم منع النفقة في سبيل الله في غزوة أُحُد.
ومعنى حسبانه خيراً أنّهم حسبوا أن قد استبقوا مالهم وتنصّلوا عن دفعه بمعاذير قُبلت منهم.
أمّا شمولها لِمنع الزكاة، فإن لم يكن بعموم صلة الموصول إن كان الموصول للعهد لا للجنس، فبدلالة فحوى الخطاب. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٥﴾
فصل
قال القرطبى :
وهذه الآية نزلت في البخل بالمال والإنفاق في سبيل الله، وأداء الزكاة المفروضة.
وهذه كقوله :﴿ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله ﴾ الآية.
ذهب إلى هذا جماعةٌ من المتأوّلين، منهم ابن مسعود وابن عباس وأبو وائل وأبو مالك والسّدِّي والشَّعْبِيّ قالوا : ومعنى ﴿ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ ﴾ هو الذي ورد في الحديث عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال :" "من آتاه الله مالاً فلم يُؤَدّ زكاته مُثِّل له يوم القيامة شُجاعاً أقْرَعَ له زَبِيبتان يُطَوّقه يوم القيامة ثم يأخذ بِلهزمتيه ثم يقول أنا مالُك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ ﴾ الآية " أخرجه النسائي.