وخرّجه ابن ماجه " عن ابن مسعود عن رسول الله ﷺ قال :"ما مِن أحدٍ لا يُؤدِّي زكاةَ مالِهِ إِلاَّ مُثِّل له يومَ القيامة شُجاع أقْرَعُ حتى يُطَوَّقَ به في عنقه" ثم قرأ علينا النبيّ ﷺ مِصداقه من كتاب الله تعالى :﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ ﴾ الآية " وجاء عنه ﷺ أنه قال " ما من ذي رَحِمٍ يأتي ذَا رَحِمه فيسأله من فضل ما عنده فيبخل به عليه إلاَّ أخرج له يوم القيامة شُجاعٌ من النار يتلمظّ حتى يُطَوِّقه " وقال ابن عباس أيضاً : إنما نزلت في أهل الكتاب وبخلهم ببيان ما علموه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ذلك مُجاهد وجماعة من أهل العلم.
ومعنى ﴿ سَيُطَوَّقُونَ ﴾ على هذا التأويل سيحملون عقاب ما بخلوا به ؛ فهو من الطاقة كما قال تعالى :﴿ وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ] وليس من التّطويق.
وقال إبراهيم النَّخَعِيّ : معنى ﴿ سَيُطَوَّقون ﴾ سيُجعل لهم يوم القيامة طَوْقٌ من النار.
وهذا يجري مع التأويل الأوّل ( أي ) قول السدي.
وقيل : يُلزَمون أعمالهم كما يلزم الطّوق العنق ؛ يقال : طُوِّق فلان عملَه طَوْقَ الحمامة، أي ألزِم عمله.
وقد قال تعالى :﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾ [ الإسراء : ١٣ ].
ومن هذا المعنى قولُ عبد الله بن جَحْش لأبي سفيان :
أبلِغْ أبا سفيان عن...
أمْرٍ عواقبُه ندامه
دارَ ابن عمِّك بِعتَها...
تقضي بها عنك الغرامهْ
وَحَلِيفكُم باللَّه ربِّ...
الناسِ مجتهِدُ القَسَامهْ
اذهب بها اذهب بها...
طُوِّقتَها طوقَ الحمامهْ
وهذا يجري مع التأويل الثاني.
والبُخْل والبَخَل في اللغة أن يَمنع الإنسانُ الحقَّ الواجبَ عليه.