فائدة
قال ابن عاشور عن البخل :
وهو ضدّ الجود، فهو الانقباض عن إعطاء المال بدون عوض، هذا حقيقته، ولا يطلق على منع صاحب شيء غير مال أن ينتفع غيره بشيئه بدون مضرّة عليه إلاَّ مجازاً، وقد ورد في أثر عن النبي ﷺ " البخيل الذي أُذكُر عنده فلا يصلّي عليّ " ويقولون : بخِلت العين بالدموع، ويرادف البخلَ الشحّ، كما يرادف الجودَ السخاء والسماح. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٦﴾
فصل في ثمرة البخل وفائدته.
قال القرطبى :
وهو ما رُوي " أن النبيّ ﷺ قال للأنصار :"من سَيدكم" قالوا الجَدّ ابن قيس على بُخْلٍ فيه.
فقال ﷺ :"وأيُّ داء أَدْوَى من البخل" قالوا : كيف ذاك يا رسول الله ؟ قال :"إن قوماً نزلوا بساحل البحر فكَرِهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم فقالوا : ليبعد الرجال منّا عن النساء حتى يعتذر الرجال إلى الأضياف بِبُعْد النساء ؛ وتعتذر النساء ببُعْد الرجال ؛ ففعلوا وطال ذلك بهم فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء" " ذكره الماوردي في كتاب "أدب الدنيا والدين". والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٩٣﴾
فصل
قال القرطبى :
واختلف في البُخْل والشُّحّ ؛ هل هما بمعنى واحد أو بمعنين.
فقيل : البخل الامتناع من إخراج ما حصل عندك.
والشُّح : الحِرصُ على تحصيل ما ليس عندك.
وقيل : إن الشُّح هو مع حِرص.
وهو الصحيح لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ قال :" اتقوا الظلم فإن الظلم ظُلماتٌ يوم القيامة واتقوا الشُّحَّ فإن الشُّح أهلك من كان قبلكم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " وهذا يردّ قول من قال : إن البخلَ منعُ الواجب، والشحَّ منعُ المستحبّ.
إذ لو كان الشح منع المستحب لما دخل تحت هذا الوعيد العظيم، والذم الشديد الذي فيه هلاك الدنيا والآخرة.