ولما كان هذا اجتراء على الخالق أتبعه اجتراءهم على أشرف الخلائق فقال - مشيراً بإضافة المصدر إلى ضميرهم، وبجمع التكسير الدال على الكثير إلى أنهم أشد الناس تمرداً تمرناً على ارتكاب العظائم، وأن الاجتراء على أعظم أنواع الكفر قد صار لهم خلقاً - :﴿وقتلهم الأنبياء﴾ أي الذي أقمناهم فيهم لتجديد ما أوهوه من بنيان دينهم، ولما لم يكن في قتلهم شبهة أصلاً يقال :﴿بغير حق﴾ فهو أعظم ذمّاً مما قبله من التعبير بالفعل المضارع في قوله ﴿ويقتلون الأنبياء بغير حق﴾ [ آل عمران : ١١٢ ].
ثم عطف على قوله ﴿سنكتب﴾ قوله :﴿ونقول﴾ أي بما لنا من الجلال ﴿ذوقوا﴾ أي بما نمسكم به من المصائب في الدنيا والعقاب في الأخرى كما كنتم تذوقون الأطعمة التي كنتم تبخلون بها فلا تؤدون حقوقها ﴿عذاب الحريق﴾ جزاء على ما أحرقتم به قلوب عبادنا، ثم بين السبب فيه بقوله :﴿ذلك﴾ أي العذاب العظيم ﴿بما قدمت أيديكم﴾ أي من الكفر بقتلهم وبغيره ﴿وأن﴾ أي وبسبب أن ﴿الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿ليس بظلام﴾ أي بذي ظلم ﴿للعبيد﴾ ولو لم يعذبكم لكان ترككم على صورة الظلم لمن عادوكم فيه واشتد أذاكم لهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٨٩ ـ ١٩٠﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن في كيفية النظم وجهين :
الأول : أنه تعالى لما أمر المكلفين في هذه الآيات ببذل النفس وبذل المال في سبيل الله وبالغ في تقرير ذلك، شرع بعد ذلك في حكاية شبهات القوم في الطعن في نبوته.


الصفحة التالية
Icon