وفي الصحيحين أنه عليه السلام مرّ بابن أُبَيّ وهو عليه السلام على حمار فدعاه إلى الله تعالى فقال ابن أُبَيّ : إن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنَا به في مجالسنا! ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه.
وقبض على أنفه لئلا يصيبه غبار الحمار، فقال ابن رَوَاحة نعم يا رسول الله، فاغْشنَا في مجالسنا فإنا نحبّ ذلك.
واستب المشركون الذين كانوا حول ابن أُبَيّ والمسلمون، وما زال النبيّ ﷺ يسكّنهم حتى سَكنوا.
ثم دخل على سعد بن عُبادة يعوده وهو مريض، فقال :"ألم تسمع ما قال فلان" فقال سعد : أعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي نَزل، وقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرة على أن يتوِّجوه ويعصبوه بالعصابة ؛ فلما ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكَهُ شَرِقَ به، فذلك فعل به ما رأيت.
فعفا عنه رسول الله ﷺ، ونزلت هذه الآية.
قيل : هذا كان قبل نزول القتال، ونَدَب الله عبادَه إلى الصبر والتقوى وأخبر أنه من عزم الأمور.
وكذا في البخاريّ في سياق الحديث، أن ذلك كان قبل نزول القتال.
والأظهر أنه ليس بمنسوخ ؛ فإن الجدال بالأحسن والمداراة أبداً مندوب إليها، وكان عليه السلام مع الأمر بالقتال يوادع اليهود ويُدَاريهم، ويصفح عن المنافقين، وهذا بيِّن. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٣٠٣ ـ ٣٠٤﴾
قوله تعالى ﴿وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذلك مِنْ عَزْمِ الأمور﴾