فصل


قال الفخر :
قال المفسرون : بعث الرسول ﷺ أبا بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده، فقال فنحاص قد احتاج ربك إلى أن نمده، فهم أبو بكر رضي الله عنه أن يضربه بالسيف، وكان رسول الله ﷺ قال له حين بعثه : لا تغلبن على شيء حتى ترجع إلي، فتذكر أبو بكر رضي الله عنه ذلك وكف عن الضرب ونزلت هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٤﴾

فصل


قال الفخر :
للآية تأويلان :
الأول : أن المراد منه أمر الرسول ﷺ بالمصابرة على الابتلاء في النفس والمال، والمصابرة على تحمل الأذى وترك المعارضة والمقابلة، وإنما أوجب الله تعالى ذلك لأنه أقرب إلى دخول المخالف في الدين، كما قال :﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى﴾ [ طه : ٤٤ ] وقال :﴿قُل لّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله﴾ [ الجاثية : ١٤ ] والمراد بهذا الغفران الصبر وترك الانتقام وقال تعالى :﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً﴾ [ الفرقان : ٧٢ ] وقال :﴿فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ] وقال :﴿ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ﴾ [ فصلت : ٣٤ ] قال الواحدي رحمه الله : كان هذا قبل نزول آية السيف.
قال القفال رحمه الله : الذي عندي أن هذا ليس بمنسوخ والظاهر أنها نزلت عقيب قصة أحد، والمعنى أنهم أمروا بالصبر على ما يؤذون به الرسول ﷺ على طريق الأقوال الجارية فيما بينهم، واستعمال مداراتهم في كثير من الأحوال.
والأمر بالقتال لا ينافي الأمر بالمصابرة على هذا الوجه، واعلم أن قول الواحدي ضعيف، والقول ما قاله القفَّال.


الصفحة التالية
Icon