والجواب والله أعلم اختلاف ما وقع الحض على الصبر عليه فى هذه الآيات وأشير اليه بذلك وأنه من عزم الأمور أما الأولى فإن قبلها :"لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا" فوقع الأخبار بالابتلاء فى الأموال والأنفس وسماع الأذى ممن ذكر فعرفوا بثلاث ضروب وأمروا بالصبر عليها وهو أربعة أشياء بالتفت التفصيل فى المسموع منه الأذى واعلموا أن الصبر عليها من عزم الأمور وأما آية لقمان فأشير فيها بذلك إلى أربع خصال أمر بها لقمان لبنه وذلك قوله :"يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك" وأتبعت بقوله تعالى :"إن ذلك من عزم الأمور" والأربعة فى الآيتين من العدد القليل وأما آية الشورى فالاشارة فيها بقوله"إن ذلك" إلى اثنى عشر مطلوبا من لدن قوله تعالى :"فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا" وهذه اشارة إلى التنزه عن ذلك ثم قيل للذين آمنوا :"وعلى ربهم يتوكلون" فالاشارة إلى الايمان والتوكل والتزام ذلك ثم قال تعالى :"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون" فهذه التزامات ثلاثة ثم قال :"والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" فهذه التزامات أربع ثم قال :"والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون" فأشار إلى أن هؤلاء لا يظلمون أحدا وان أقصى ما يقع منهم الانتصار ممن يظلمهم وذلك مباح لهم غير قبيح وقد قيل بقوله بعد :"وجزاء سيئة سيئة مثلها" ثم عرف بحال أجل من ذلك وأعلى عملا فقال :"فمن عفا وأصلح فأجره على الله" وأعلم مع علو هذا الملتزم أن المنتصر من ظلمه ما عليه من سبيل وإنما السبيل إنما هو على ظالمى الناس والباغين، وبعد هذه الخصال النيفة على العشر قال تعالى فى التزام جميعها :"إن ذلك لمن عزم الأمور"