وقال الآلوسى :
﴿ الذين يَذْكُرُونَ الله قياما وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ ﴾ في موضع جرّ على أنه نعت ﴿ لأولي ﴾ [ آل عمران : ١٩٠ ] ويجوز أن يكون في موضع رفع أو نصب على المدح، وجعله مبتدأ والخبر محذوف تقديره يقولون : ربنا آمنا بعيد لما فيه من تفكيك النظم، ويزيده بعداً ما أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" ينادي مناد يوم القيامة أين أولو الألباب ؟ قالوا : أي أولي الألباب تريد ؟ قال :﴿ الذين يَذْكُرُونَ الله قياما وَقُعُوداً ﴾ الخ عقد لهم لواء فاتبع القوم لواءهم وقال لهم ادخلوها خالدين " والظاهر أن المراد من الذكر الذكر باللسان لكن مع حضور القلب إذ لا تمدح بالذكر بدونه بل أجمعوا على أنه لا ثواب لذاكر غافل، وإليه ذهب كثير، وعدّ ابن جريج قراءة القرآن ذكراً فلا تكره للمضطجع القادر، نعم نص بعض الشافعية على كراهتها له إذا غطى رأسه للنوم، وقال بعض المحققين : المراد به ذكره تعالى مطلقاً سواء كان ذلك من حيث الذات أو من حيث الصفات والأفعال، وسواء قارنه ذكر اللسان أو لا، والمعنى عليه الذين لا يغفلون عنه تعالى في عامة أوقاتهم باطمئنان قلوبهم بذكره واستغراق سرائرهم في مراقبته، وعليه فيحمل ما حكي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وعروة بن الزبير، وجماعة رضي الله تعالى عنهم من أنهم خرجوا يوم العيد إلى المصلى فجعلوا يذكرون الله تعالى فقال بعضهم : أما قال الله تعالى :﴿ يَذْكُرُونَ الله قياما وَقُعُوداً ﴾ فقاموا يذكرون الله تعالى على أقدامهم على أن مرادهم بذلك التبرك بنوع موافقة للآية في ضمن فرد من أفراد مدلولها وليس مرادهم به تفسيرها وتحقيق مصداقها على التعيين وإلا لاضطجعوا وذكروا أيضاً ليتم التفسير وتحقيق المصداق.