وقيل : نزلت في المنافقين، والخطاب لكلّ من يصلح له الخطاب، والموصول هنا بمعنى المعرّف بلام العهد لأنّ أريد به قوم معيَّنون من اليهود أو المنافقين، فمعنى ﴿ يفرحون بما أتوا ﴾ أنّهم يفرحون بما فعلوا ممّا تقدّم ذكره، وهو نبذ الكتاب والاشتراء به ثمناً قليلاً وإنّما فرحهم بما نالوا بفعلهم من نفع في الدنيا. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣٠٥﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن هذا من جملة ما دخل تحت قوله :﴿وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ] فبين تعالى أن من جملة أنواع هذا الأذى أنهم يفرحون بما أتوا به من أنواع الخبث والتلبيس على ضعفة المسلمين، ويحبون أن يحمدوا بأنهم أهل البر والتقوى والصدق والديانة، ولا شك أن الإنسان يتأذى بمشاهدة مثل هذه الأحوال، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بالمصابرة عليها، وبين ما لهم من الوعيد الشديد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٧﴾
فصل
قال القرطبى :
ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخُدْرِي أن رجالاً من المنافقين في عهد رسول الله ﷺ كان إذا خرج النبيّ ﷺ إلى الغزو تخلّفوا عنه وفرحوا بمَقْعدهم خِلافَ رسول الله ﷺ، فإذا قدم النبيّ ﷺ اعتذروا إليه وحَلفوا، وأحبّوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا ؛ فنزلت ﴿ لاَ تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ﴾ الآية.
وفي الصحيحين أيضاً أن مَرْوان قال لبوّابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له : لئن كان كل امرىء منّا فرح بما أُوتِيَ وأحبّ أن يُحمد بما لم يفعل معذَّباً لنعذّبن أجمعون.
فقال ابن عباس : ما لَكم ولهذه الآية! إنما أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب.