وثانيها : وآتنا ما وعدتنا على تصديق رسلك، والدليل عليه أن هذه الآية مذكورة عقيب ذكر المنادي للإيمان وهو، الرسول وعقيب قوله :﴿آمنا﴾ وهو التصديق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٠﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والمراد بالرسل في قوله :﴿ على رسلك ﴾ خصوص محمد ﷺ أطلق عليه وصف "رسل" تعظيماً لقوله تعالى :﴿ فلا تحسبن اللَّه مخلف وعده رسله ﴾ [ إبراهيم : ٤٧ ].
ومنه قوله تعالى :﴿ وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ﴾ [ الفرقان : ٣٧ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣١١﴾
سؤال وجوابه
قال الفخر :
ههنا سؤال : وهو أن الخلف في وعد الله محال، فكيف طلبوا بالدعاء ما علموا أنه لا محالة واقع ؟
والجواب عنه من وجوه :
الأول : أنه ليس المقصود من الدعاء طلب الفعل، بل المقصود منه إظهار الخضوع والذلة والعبودية، وقد أمرنا بالدعاء في أشياء نعلم قطعا أنها توجد لا محالة، كقوله :﴿قُل رَّبّ احكم بالحق﴾ [ الأنبياء : ١١٢ ] وقوله :﴿فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ﴾ [ غافر : ٧ ].
والوجه الثاني في الجواب : أن وعد الله لا يتناول آحاد الأمة بأعيانهم، بل إنما يتناولهم بحسب أوصافهم، فإنه تعالى وعد المتقين بالثواب، ووعد الفساق بالعقاب، فقوله :﴿وَءاتِنَا مَا وعدتنا﴾ معناه : وفقنا للاعمال التي بها نصير أهلا لوعدك، واعصمنا من الأعمال التي نصير بها أهلا للعقاب والخزي، وعلى هذا التقدير يكون المقصود من هذه الآية طلب التوفيق للطاعة والعصمة عن المعصية.
الوجه الثالث : أن الله تعالى وعد المؤمنين بأن ينصرهم في الدنيا ويقهر عدوهم، فهم طلبوا تعجيل ذلك، وعلى هذا التقدير يزول الإشكال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon