واعلم أن الأولى أن يحمل على الكل، لأن جميع هذه الأمور مشتركة في قدر واحد، وهو أن الإنسان يأتي بالفعل الذي لا ينبغي ويفرح به، ثم يتوقع من الناس أن يصفوه بسداد السيرة واستقامة الطريقة والزهد والاقبال على طاعة الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٧ ـ ١٠٨﴾
فصل
قال الفخر :
في قوله :﴿بِمَا أَتَوْاْ﴾ بحثان :
الأول : قال الفراء : قوله :﴿بِمَا أَتَوْاْ﴾ يريد فعلوه كقوله :﴿واللذان يأتيانها مِنكُمْ﴾ [ النساء : ١٦ ] وقوله :﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾ [ مريم : ٢٧ ] أي فعلت.
قال صاحب "الكشاف" : أتى وجاء، يستعملان بمعنى فعل، قال تعالى :﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾ [ مريم : ٦١ ] ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾ ويدل عليه قراءة أبي ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا فَعَلُواْ ﴾.
البحث الثاني : قرىء آتوا بمعنى أعطوا، وعن علي رضي الله عنه ﴿بِمَا أُوتُواْ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٨﴾
قوله تعالى ﴿بِمَفَازَةٍ مّنَ العذاب﴾
قال الفخر :
قوله :﴿بِمَفَازَةٍ مّنَ العذاب﴾ أي بمنجاة منه، من قولهم : فاز فلان إذا نجا، وقال الفراء : أي ببعد من العذاب، لأن الفوز معناه التباعد من المكروه، وذكر ذلك في قوله :﴿فَقَدْ فَازَ﴾ ثم حقق ذلك بقوله :﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ولا شبهة أن الآية، واردة في الكفار والمنافقين الذين أمر الله رسوله ﷺ بالصبر على أذاهم.
ثم قال :﴿وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ﴾ أي لهم عذاب أليم ممن له ملك السموات والأرض، فكيف يرجو النجاة من كان معذبه هذا القادر الغالب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٨﴾