وَأَقُولُ : إِنَّ الَّذِينَ تَصَدَّوْا لِتَبْيِينِ الْقُرْآنِ فِي الْكُتُبِ - وَهُمُ الْمُفَسِّرُونَ - لَمْ يَكُنْ تَبْيِينُهُمْ كَامِلًا كَمَا يَنْبَغِي، وَكَانَ جَمَالُ الدِّينِ يَقُولُ :" إِنَّ الْقُرْآنَ لَا يَزَالُ بِكْرًا "، وَإِنَّ لِي كَلِمَةً مَا زِلْتُ أَقُولُهَا، وَهِيَ أَنَّ سَبَبَ تَقْصِيرِ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ وَصَلَتْ إِلَيْنَا كُتُبُهُمْ هُوَ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ التَّامِّ فِي الْفَهْمِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ لِبَلَادَةٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ مِنْ أُمُورٍ أَهَمُّهَا : الِافْتِتَانُ بِالرِّوَايَاتِ الْكَثِيرَةِ، وَتَغَلُّبُ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفَنِّيَّةِ فِي الْكَلَامِ، وَالْأُصُولِ، وَالْفِقْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمُحَاوَلَةُ نَصْرِ الْمَذَاهِبِ، وَتَأْيِيدِهَا.