واعتبر في ذلك ظهور الشيوعية فليست إلا من مواليد الديموقراطية أنتجها إتراف طبقة من طبقات المجتمع وحرمان آخرين فكان بعدا شاسعا بين نقطتي القساوة وفقد النصفة والسخط وتراكم الغيظ والحنق وكذا في الحرب العالمية التي وقعت مرة بعد مرة وهى تهدد الإنسانية ثالثة وقد أفسدت الأرض وأهلكت الحرث والنسل ولا عامل لها إلا غريزة الاستكبار والشره والطمع هذا.
ولكن الإسلام بنى سنته الجارية وقوانينه الموضوعة على أساس الأخلاق وبالغ في تربية الناس عليها لكون القوانين الجارية في الأعمال في ضمانها وعلى عهدتها فهي مع الإنسان في سره وعلأنيته وخلوته وجلوته تؤدي وظيفتها وتعمل عملها أحسن مما يؤديه شرطى مراقب أو أي قوة تبذل عنايتها في حفظ النظم.
نعم تعتني المعارف العمومية في هذه الممالك بتربية الناس على الأخلاق المحمودة
وتبذل جهدها في حض الناس وترغيبهم إليها لكن لا ينفعهم ذلك شيئا.
أما أولا فلانالمنشأ الوحيد لرذائل الأخلاق ليس إلا الإسراف والإفراط في التمتع المادي والحرمان البالغ فيه وقد أعطت القوانين للناس الحرية التامة فيه فأمتعت بعضا وحرمت آخرين فهل الدعوة إلى فضائل الأخلاق والترغيب عليها إلا دعوة إلى المتناقضين أو طلبا للجمع بين الضدين ؟ على أن هؤلاء كما عرفت يفكرون تفكرا اجتماعيا ولا تزال مجتمعاتهم تبالغ في اضطهاد المجتمعات الضعيفة ودحض حقوقهم والتمتع بما في أيديهم واسترقاق نفوسهم والتوسع في التحكم عليهم ما قدروا والدعوة إلى الصلاح والتقوى مع هذه الخصيصة ليست إلا دعوة متناقضة لا تزال عقيمة.


الصفحة التالية
Icon