النوم يكون في هيئة الاستلقاء أكثر فذاك وضع الغافلين. وقال أبو حنيفة : بل يصلي مستلقياً إن عجز عن القعود حتى لو وجد خفة قعد. وقوله :﴿ ويتفكرون في خلق السموات والأرض ﴾ إشارة إلى عمل الجنان. وقد عرفت معنى الفكر في البحث الخامس من تفسير قوله :﴿ وعلم آدم الأسماء ﴾ [ البقرة : ٣١ ] وإنما لم يقل و " يتفكرون في الله " كما قال :﴿ يذكرون الله ﴾ لقوله ﷺ :" تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق " والسبب فيه أن الاستدلال بالخلق على الخالق لا يمكن وقوعه على نعت المماثلة وإنما يمكن على نعت المخالفة، فإنا نستدل بحدوث هذه المحسوسات على قدم خالقها، وبإمكانها على وجوبه، وبافتقارها على غناه. فالفكر في المخلوقات ممكن وفي الخالق غير ممكن، كيف وإن الفكر ترتيب المقدمات على وجه متنج، والمقدمة لها موضوع ومحمول لا بد من تصورهما، وتصوره سبحانه محال لأن تصور الشيء عبارة عن حصول صورته في النفس، فتكون الصورة محاطة والنفس محيطة بها، ولا يحيط بالواجب شيء ألا إنه بكل شيء محيط، لكنه إذا تفكر في مخلوقاته ولا سيما السموات مع ما فيها من الشمس والقمر والنجوم، وإلى الأرض مع ما عليها من البحار والجبال والمعادن والنبات والحيوان، عرف أوّلاً أن لها باً وصانعاً فيقول :﴿ بنا ﴾.


الصفحة التالية
Icon