فصل
قال الآلوسى
﴿ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ فِى البلاد ﴾ الخطاب للنبي ﷺ، والمراد منه أمته، وكثيراً ما يخاطب سيد القوم بشيء ويراد أتباعه فيقوم خطابه مقام خطابهم، ويحتمل أن يكون عاماً للنبي ﷺ وغيره بطريق التغليب تطييباً لقلوب المخاطبين، وقيل : إنه خطاب له عليه الصلاة والسلام على أن المراد تثبيته ﷺ على ما هو عليه كقوله تعالى :﴿ فَلاَ تُطِعِ المكذبين ﴾ [ القلم : ٨ ] وضعف بأنه عليه الصلاة والسلام لا يكون منه تزلزل حتى يؤمر بالثبات وفيه نظر لا يخفى والنهي في المعنى للمخاطب أي لا تغتر بما عليه الكفرة من التبسط في المكاسب والمتاجر والمزارع ووفور الحظ، وإنما جعل النهي ظاهراً للتقلب تنزيلاً للسبب منزلة المسبب فإن تغرير التقلب للمخاطب سبب واغتراره به مسبب فمنع السبب بورود النهي عليه ليمتنع المسبب الذي هو اغترار المخاطب بذلك السبب على طريق برهاني وهو أبلغ من ورود النهي على المسبب من أول الأمر، قالوا : وهذا على عكس قول القائل : لا أرينك هنا فإن فيه النهي عن المسبب وهو الرؤية ليمتنع السبب وهو حضور المخاطب.