ذكروا قولين في أنهم لم سموا بالجن، الأول : أن لفظ الجن مأخوذ من الاستتار، ومنه الجنة لاستتار أرضها بالأشجار، ومنه الجنة لكونها ساترة للإنسان، ومنه الجن لاستتارهم عن العيون، ومنه المجنون لاستتار عقله، ومنه الجنين لاستتاره في البطن ومنه قوله تعالى :﴿اتخذوا أيمانهم جُنَّةً﴾
[ المجادلة : ١٦، المنافقون : ٢ ] أي وقاية وستراً، واعلم أن هذا القول يلزم أن تكون الملائكة من الجن لاستتارهم عن العيون، إلا أن يقال : إن هذا من باب تقييد المطلق بسبب العرف.
والقول الثاني : أنهم سموا بهذا الاسم لأنهم كانوا في أول أمرهم خزان الجنة والقول الأول أقوى.
طوائف المكلفين :
المسألة الخامسة :
اعلم أن طوائف المكلفين أربعة : الملائكة، والإنس، والجن، والشياطين، واختلفوا في الجن والشياطين فقيل : الشياطين جنس والجن جنس آخر، كما أن الإنسان جنس والفرس جنس آخر، وقيل : الجن منهم أخيار ومنهم أشرار والشياطين اسم لأَشرار الجن.
تسلط الجن على الإنس :
المسألة السادسة :
المشهور أن الجن لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر، وأنكر أكثر المعتزلة ذلك، أما المثبتون فقد احتجوا بوجوه : الأول : أنه إن كان الجن عبارة عن موجود ليس بجسم ولا جسماني فحينئذٍ يكون معنى كونه قادراً على النفوذ في باطنه أنه يقدر على التصرف في باطنه، وذلك غير مستبعد، وإن كان عبارة عن حيوان هوائي لطيف نفاذ كما وصفناه كان نفاذه في باطن بني آدم أيضاً غير ممتنع قياساً على النفس وغيره.
الثاني : قوله تعالى :﴿لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذى يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس﴾
[ البقرة : ٢٧٥ ] الثالث : قوله عليه السلام :" إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم "