( أ ) الشيطان مبالغة في الشيطنة، كما أن الرحمن مبالغة في الرحمة، والرجيم في حق الشيطان فعيل بمعنى مفعول، كما أن الرحيم في حق الله تعالى فعيل بمعنى فاعل، إذا عرفت هذا فهذه الكلمة تقتضي الفرار من الشيطان الرجيم إلى الرحمن الرحيم، وهذا يقتضي المساواة بينهما، وهذا ينشأ عنه قول الثنوية الذين يقولون إن الله وإبليس أخوان، إلا أن الله هو الأخ الكريم الرحيم الفاضل، وإبليس هو الأخ اللئيم الخسيس المؤذي، فالعاقل يفر من هذا الشرير إلى ذلك الخير.
( ب ) الإله هل هو رحيم كريم ؟ فإن كان رحيماً كريماً فلم خلق الشيطان الرجيم وسلطه على العباد، وإن لم يكن رحيماً كريماً فأي فائدة في الرجوع إليه والاستعاذة به من شر الشيطان.
( ج ) الملائكة في السموات هل يقولون :( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فإن ذكروه فإنما يستعيذون من شرور أنفسهم لا من شرور الشيطان.
( د ) أهل الجنة في الجنة هل يقولون أعوذ بالله.
( ه ) الأنبياء والصديقون لم يقولون ( أعوذ بالله ) مع أن الشيطان أخبر أنه لا تعلق له بهم في قوله :﴿فَبِعِزَّتِكَ لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين﴾
[ ص : ٨٢ ٨٣ ].
( و ) الشيطان أخبر أنه لا تعلق له بهم إلا في مجرد الدعوة حيث قال :﴿وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ﴾
[ إبراهيم : ٢٢ ] وأما الإنسان فهو الذي ألقى نفسه في البلاء فكانت استعاذة الإنسان من شر نفسه أهم وألزم من استعاذته من شر الشيطان فلم بدأ بالجانب الأضعف وترك الجانب الأهم ؟. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١ صـ ٥٧ ـ ٨٩﴾