الرابعة : روى أبو داود وابن ماجه في سُننهما عن جُبَير بن مُطْعِم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلّي صلاة فقال عمرو : لا أدري أي صلاة هي ؟ فقال :" الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً ثلاثاً الحمد لله كثيراً الحمد لله كثيراً ثلاثاً وسبحان الله بكرة وأصيلاً ثلاثاً أعوذ بالله من الشيطان مِن نَفْخه ونَفْثه وهَمْزه ". قال عمرو : هَمْزهُ، المُؤْتَةُ، ونَفْثُه الشِّعر، ونَفْخُه الكِبْر.
وقال ابن ماجه : المُؤْتَة يعني الجنون. والنَّفْث : نفخ الرجل مِن فيه من غير أن يخرج ريقه. والكِبر : التِّيهُ. وروى أبو داود عن أبي سعيد الخُدْري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام من الليل كبّر ثم يقول :" سبحانك اللّهُم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ثم يقول : لا إله إلا الله ثلاثاً ثم يقول : الله أكبر كبيراً ثلاثاً أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من هَمْزه ونَفْخه ونَفْثه ؛ ثم يقرأ. وروى سليمان بن سالم عن ابن القاسم رحمه الله أن الاستعاذة : أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال ابن عطية :" وأما المقرئون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى، كقول بعضهم : أعوذ بالله المجيد، من الشيطان المريد ؛ ونحو هذا مما لا أقول فيه : نِعمت البِدْعة، ولا أقول : إنه لا يجوز ".
الخامسة : قال المَهْدَوِيّ : أجمع القرّاء على إظهار الاستعاذة في أوّل قراءة سورة " الحمد " إلا حمزة فإنه أسرَّها. وروى السُّدِّي عن أهل المدينة أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالبسملة. وذكر أبو اللّيث السَّمَرْقَنْدِي عن بعض المفسرين أن التعوّذ فرض، فإذا نسيه القارىء وذَكَره في بعض الحزب قطع وتعوّذ، ثم ابتدأ من أوّله. وبعضهم يقول : يستعيذ ثم يرجع إلى موضعه الذي وقف فيه ؛ وبالأوّل قال أسانيد الحجاز والعراق ؛ وبالثاني قال أسانيد الشام ومصر.


الصفحة التالية
Icon