السادسة : حكى الزَّهراويّ قال : نزلت الآية في الصلاة ونُدبنا إلى الاستعاذة في غير الصلاة وليس بفرض. قال غيره : كانت فرضاً على النبيّ صلى الله عليه وسلّم وحده، ثم تأسّينا به.
السابعة : رُوِي عن أبي هريرة أن الاستعاذة بعد القراءة ؛ وقاله داود. قال أبو بكر بن العربيّ :" انتهى العِيّ بقوم إلى أن قالوا : إذا فرغ القارىء من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ". وقد روى أبو سعيد الخُدْرِيّ : أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم كان يتعوّذ في صلاته قبل القراءة ؛ وهذا نص. فإن قيل : فما الفائدة في الاستعاذة من الشيطان الرجيم وقت القراءة ؟
قلنا : فائدتها امتثال الأمر ؛ وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء لها في امتثالها أمراً أو اجتنابها نهياً ؛ وقد قيل : فائدتها امتثال الأمر بالاستعاذة من وسوسة الشيطان عند القراءة ؛ كما قال تعالى :﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُا لا إِلَاهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
( الحج : ٥٢ ). قال ابن العربي :" ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية :﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾
( النحل : ٩٨ ) قال : ذلك بعد قراءة أمّ القرآن لمن قرأ في الصلاة، وهذا قول لم يرد به أثر، ولا يَعضُده نظر ؛ فإن كان هذا كما قال بعض الناس : إن الاستعاذة بعد القراءة، كان تخصيص ذلك بقراءة أمّ القرآن في الصلاة دعوى عريضة، ولا تشبه أصل مالك ولا فهمه ؛ فالله أعلم بسرّ هذه الرواية ".