ولهزته، ونهزته- إذا دفعته، والتحقيق : أنه دفع بنَخْز، وغمز يشبه الطعن، فهو دفع خاص، فهمزات الشياطين : دفعهم الوساوس والإغواء إلى القلب، قال ابن عباس والحسن :" همزات الشياطين : نزغاتهم ووساوسهم" وفسرت همزاتهم بنفخهم ونفثهم، وهذا قول مجاهد، وفسرت بخنقهم وهو المؤتة التى تشبه الجنون.
وظاهر الحديث أن الهمز نوع غير النفخ والنفث، وقد يقال- وهو الأظهر- إن همزات الشياطين إذا أفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم، وإذا قرنت بالنفخ والنفث كانت نوعا خاصا، كنظائر ذلك
ثم قال :﴿وَأعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون : ٩٨].
قال ابن زيد : فى أموري. وقال الكلبي : عند تلاوة القرآن، وقال عكرمة : عند النزع والسياق، فأمره أن يستعيذ من نوعي شر إصابتهم له بالهمز وقربهم ودنوهم منه.
فتضمنت الاستعاذة أن لا يمسوه ولا يقربوه، وذكر ذلك سبحانه عقيب قوله :﴿ادْفَعْ بِالتِى هِىَ أَحْسَنُ السَّيَئةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بمَا يصِفُونَ﴾ [المؤمنون : ٩٦].
فأمره أن يحترز من شر شياطين الإنس بدفع إساءتهم إليه بالتى هى أحسن، وأن يدفع شر شياطين الجن بالاستعاذة منهم.
ونظير هذا قوله فى سورة الأعراف :﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ﴾ [الأعراف : ١٩٩].
فأمره بدفع شر الجاهلين بالإعراض عنهم، ثم أمره بدفع شر الشيطان بالاستعاذة منه فقال :﴿وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف : ٢٠٠].
ونظير ذلك قوله فى سورة فصلت :﴿وَلا تَسْتَوِى الحسَنَةُ وَلا السيَّئِّةُ ادْفَعْ بِالتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإذَا الّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَه عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ﴾ [فصلت : ٣٤].