دليل الجمهور : ما روى جبير بن مطعم - رضي الله عنه - : أن النبي _ ( ﷺ )
وشرف وكرم وبجل وعظم وفخم - حين افتتح الصلاة قال :" الله أكبر كبيرا،
ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا، ثلاث مرات، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثلاث مرات،
ثم قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ".
واحتج المخالف بقوله تعالى :( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) { النحل : ٩٨ ] دلت هذه الآية على أن قراءة القرآن شرط، وذكر الاستعاذة جزاء، والجزاء
متأخر عن الشرط ؛ فوجب أن تكون الاستعاذة متأخرة عن القراءة.
ثم قالوا : وهذا موافق لما في العقل ؛ لأن من قرأ القرآن، فقد استوجب الثواب
العظيم، فربما يداخله العجب ؛ فيسقط ذلك الثواب، لقوله - عليه الصلاة والسلام - :
" ثلاث مهلكات " وذكر منها إعجاب المرء بنفسه ؛ فلهذا السبب أمره الله - تعالى - [ بأن
يستعيذ من الشيطان ؛ لئلا يحمله الشيطان بعد القراءة ] على عمل محبط ثواب تلك الطاعة.
قالوا : ولا يجوز أن يكون المراد من قوله تعالى :( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ( أي : إذا
أردت قراءة القرآن ؛ كما في قوله تعالى :( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ( [ المائدة : ٦ ].
والمعنى : إذا أردتم القيام فتوضئوا ؛ لأنه لم يقل : فإذا صليتم فاغسلوا ؛ فيكون نظير
قوله :( فإذا قرأت القرآن فاستعذ ( وإن سلمان كون هذه الآية نظير تلك، فنقول : نعم، إذا
قام يغسل عقيب قيامه إلى الصلاة ؛ لأن الأمر إنما ورد بالغسل عقيب قيامه، وأيضا :
فالإجماع دل على ترك هذا الظاهر، وإذا ترك الظاهر في موضع لدليل، لا يوجب تركه
في سائر المواضع لغير دليل.
أما جمهور الفقهاء - رحمهم الله تعالى - فقالوا : إن قوله تعالى :( فإذا قرأت القرآن
فاستعذ ( يحتمل أن يكون المراد منه : إذا أردت، وإذا ثبت الاحتمال، وجب حمل اللفظ