والسلام - :" أنا أفصح من نطق بالضاد " فثبت بما ذكر أن المشابهة بينهما شديدة،
والتمييز عسر.
وأيضا : لم يقع السؤال عنه في زمن النبي - عليه الصلاة والسلام - وأزمنة الصحابة،
لا سيما عند دخول العجم في الإسلام، فلما لم ينقل وقوع السؤال عن هذا ألبتة، علمنا أن
التمييز بين هذين الحرفين، ليس في محل التكليف.
فصل في عدم جواز الصلاة بالوجوه الشاذة
اتفق على أنه لا تجوز القراءة [ في الصلاة ] بالوجوه الشاذة : لأن الدليل ينفي جواز
القراءة مطلقا، لأنها لو كانت من القرآن، لوجب بلوغها إلى حد التواتر، ولما لم يكن
كذلك، علمنا أنها ليست من القرآن، عدلنا عن هذا الدليل في جواز القراءة بها خارج
الصلاة، فوجب أن تبقى قراءتها في الصلاة على أصل المنع.
فصل في قولهم :" القراءات المشهورة منقولة بالتواتر "
اتفق الأكثرون على أن القراءات المشهورة منقولة بالتواتر، وفيه إشكال ؛ وذلك لأنا
نقول : هذه القراءة إما أن تكون منقولة بالتواتر، أو لا.
فإن كان الأول، فحينئذ قد ثبت بالنقل المتواتر أن الله - تعالى - قد خيّر المكلفين بين
هذه القراءة، وسوى بينهما في الجواز.
وإذا كان كذلك، كان ترجيح بعضها على البعض واقعا على خلاف الحكم المتواترة ؛
فواجب أن يكون الذاهبون إلى ترجيح البعض، مستوجبين للتفسيق إن لم يلزمهم التكفير،
لكنا نرى أن كل واحد يختص بنوع معين من القراءة، ويحمل الناس عليها، ويمنعهم من
غيرها، فوجب أن يلزم في حقهم ما ذكرناه.
وإن قلنا : هذه القراءات ما ثبتت بالتواتر ؛ بل بطريق الآحاد، فحينئذ يخرج القرآن عن
كونه مفيدا للجزم، والقطع اليقين ؛ وذلك باطل بالإجماع ؛ ولقائل أن يجيب عنه ؛ فيقول :
بعضها متواتر، ولا خلاف بين الأمة فيه، وتجويز القراءة بكل واحد منها ؛ وبعضها من باب
الآحاد، لا يقتضي كون القراءة بكليته خارجا عن كونه قطعيا، والله أعلم ؛ ذكره ابن الخطيب.