قال ابن الخطيب : و " الشيطان " مبالغة في الشيطنة ؛ كما أن " الرحمن " مبالغة في
الرحمة. و " الرجيم " في حق الشيطان " فعيل " بمعنى " فاعل ".
إذا عرفت هذا، فهذه الكلمة تقتضي الفرار من الشيطان الرجيم إلى الرحمن الرحيم.
قوله :" الرجيم " نعت له على الذم، وفائدة النعت : إما إزالة اشتراك عارض في
معرفة ؛ نحو :" رأيت زيدا العاقل ".
وإما تخصيص نكرة ؛ نحو :" رأيت رجلا تاجرا " وإما لمجرد مدح، أو ذم، أو
ترحم ؛ نحو :" مررت بزيد المسكين " وقد يأتي لمجرد التوكيد ؛ نحو قوله :( نفخة واحدة ) { الحاقة : ٣١ ] ولا بد من ذكر قاعدة في النعت، تعم فائدتها :
اعلم أن النعت إن كان مشتقا بقياس، وكان معناه لمتبوعه، لزم أن يوافقه في أربعة
من عشرة ؛ أعني في واحد من ألقاب الإعراب : الرفع، والنصب، والجر، وفي واحد من :
الإفراد، والتثنية، والجمع، وفي واحد من : التذكير، والتأنيث، وفي واحد من : التعريف،
والتنكير.
وإن كان معناه لغير متبوعه، وافقه في اثنين من خمسة : في واحد من ألقاب
الإعراب، وفي واحد من التعريف والتنكير ؛ نحو :" مررت برجلين عاقلة أمهما "، فلم
يتبعه في تثنية ولا تذكير.
وإذا اختصرت ذلك كله، فقل : النعت يلزم أن يتبع منعوته في اثنين من خمسة مطلقا :
في واحد من ألقاب الإعراب، وفي واحد من التعريف و التنكير، وفي الباقي كالفعل ؛ يعني :
أنك تضع موضع النعت فعلا، فمهما ظهر في الفعل، ظهر في النعت ؛ مثاله ما تقدم في :
" مررت برجلين [ عاقلة أمهما " ] ؛ لأنك تقول :" مررت برجلين عقلت أمهما ".
" والرجيم " قد تبع موصوفه في أربعة من عشرة ؛ لما عرفت، وهو مشتق من
" الرجم "، والرجم أصله : الرمي بالرجام، وهي الحجارة، ويستعار الرجم للرمي بالظن
والتوهم.
قال زهير :[ الطويل ]
٦ - وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المرجم


الصفحة التالية
Icon