١٦٢ وقوله عز وجل (وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به) قال الضحاك أفشوه وسعوا به وهم المنافقون وقال غيره هم ضعفة المسلمين كانوا إذا سمعوا المنافقين يفشون أخبار النبي ﷺ توهموا انه ليس عليهم في ذلك شئ فأفشوه فعاتبهم الله على ذلك فقال (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) أي اولوا العلم (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) أي يستخرجونه يقال نبطت البئر إذا اخرجت منها النبط وهو ما يخرج منها ومن هذا سمي النبط لانهم يخرجون ماء في الأرض فالمعنى لعلموا ما ينبغي أن يفشى وما ينبغي أن يفشى يكتم
١٦٣ وقوله جل وعز (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) في هذه الآية ثلاثة اقوال احدها ان المعنى ولولا ما تفضل الله به مما بين وأمر لاتبعتم الشيطان الا قليلا والقول الاخر ان المعنى اذاعوا به الا قليلا وهذا القول للكسائي وهو صحيح عن ابن عباس والقول الاخر قول قتاده وابن جريج وهو الذي كان
يختاره أبو اسحاق ان المعنى لعلمه الذين يستنبطونه منهم الا قليلا (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان)
قيل هو استثناء من لاتبعتم الشيطان يعنى به قوم لم يكونوا هموا بما هم به الاخرون من اتباع الشيطان كما قال الضحاك هم اصحاب النبي عليه السلام الا قليلا الا طائفة منهم وقيل معنى الا قليلا كلكم قال أبو جعفر وهذا غير معروف في اللغة
ومن أحسن هذه الاقوال قول من قال أذاعوا به الا قليلا لأنه يبعد أن يكون المعنى يعلمونه الذين يستنبطونه منهم الا قليلا لأنه إذا بين استوى الكل في علمه فبعد استثناء بعض المستنبطين منه ١٦٤ ثم قال جل وعز (فقاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك) وهذا متصل بقوله (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله) فأمره الله جل وعز بالقتال ولو كان وحده لأنه قد وعده النصر ١٦٥ ثم قال جل وعز (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) والبأس الشدة


الصفحة التالية
Icon