(يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء، فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا: أرنا الله جهرة)...(فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق)...(وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما. وقولهم: إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم - رسول الله - وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم..)[ ١٥٣ - ١٥٧ ].
(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ؟ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة، وآتيناهم ملكا عظيما. فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه..).. [ ٥٤ - ٥٥ ]..
وكما تتولى السورة نصيبها من تنظيم المجتمع المسلم وتطهيره من رواسب الجاهلية ; وبيان معنى الدين، وحد الإيمان، وشرط الإسلام ; وترتب على هذا البيان مقتضياته من المبادىء والتوجيهات التي أسلفنا بيانها بصفة عامة ; وتتولى دفع شبهات اليهود وكيدهم - وبخاصة فيما يتعلق بصحة الرسالة - فهي كذلك تتولى بيان بعض مقومات التصور الإسلامي الأساسية، وتجلو عنها الغبش. وتبين ما في عقيدة أهل الكتاب - من النصارى - من غلو، بعد دفع المقولات اليهودية الكاذبة عن عيسى عليه السلام وأمه الطاهرة، وتقرر وحدة الألوهية وحقيقة العبودية، وتبين حقيقة قدر الله وعلاقته بخلقه، وحقيقة الأجل وعلاقته بقدر الله، وحدود ما يغفره الله من الذنوب، وحدود التوبة وحقيقتها، وقواعد العمل والجزاء... إلى آخر هذه المقومات الاعتقادية الأصيلة. وذلك في مثل هذه النصوص:
(إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب. فأولئك يتوب الله عليهم، وكان الله عليما حكيما. وليست التوبة للذين يعملون السيئات، حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن ! ولا الذين يموتون وهم كفار. أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما).. [ ١٧- ١٨ ].


الصفحة التالية
Icon