وقال الشيخ محمد أبو زهرة :
سورة النساء
بين يدى السورة
قبل أن نتجه إلى التفسير التحليلى لآيات هذه السورة، لابد من تمهيد موجز يعطى القارئ صورة لما اشتملت عليه.
لقد اتفق الرواة على أن هذه السورة مدنية، أى نزلت بعد الهجرة المحمدية
على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأن ما اشتملت عليه يدل على أنها نزلت بعد أن كان للإسلام دولة تنظم علاقاتها بغيرها، وبعد أن من الله تعالى على الذين استضعفوا فى الأرض وجعلهم أئمة يهدون بأمر الله تعالى فيها.
وقد روى أن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال :" ثمانى آيات نزلت فى
سورة النساء خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت. أولهن :(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم، والثانية :(والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما -، والثالثة :(يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا، والرابعة :(إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما، والخامسة : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما، والسادسة :(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا -، ، والسابعة :(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، والثامنة :(ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما -، . وإن صحت هذه الرواية عن ابن عباس (١) فإنها تدل
على أنه اتجه إلى عدل الله ورحمته بعباده، وفتحه باب التوبة والمغفرة. وإلا فإن القرآن كله بكل سورة وآياته خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت.
________
(١) رواها ابن جرير الطبرى فى تفسيره، وروى الحاكم بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، عن ابن عباس أنه قال : سلونى عن سورة النساء ؟ فإنى قرأت القرآن وأنا صغير.


الصفحة التالية
Icon