وقد بين سبحانه وتعالى من بعد ذلك أساس الحكم الإسلامى، فذكر أنه العدل والأمانة، وأن أمثل طريق لتحرى العدل والأمانة هو إطاعة الله ورسوله، وأن الحاكم عليه أن يرد كل تنازع إلى حكم الكتاب والسنة، وأن التحاكم إلى غير كتاب الله تعالى وسنة رسوله تحاكم إلى الطاغوت، وأن المنافق هو الذى يرتضى حكم الطاغوت بدل حكم الله تعالى :(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا، وقد بين أن أمارة الإيمان هو تحكيم الكتاب والسنة (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما، .
وإن الحق يجب أن ينصر، وإن المؤمن لا يصح أن يستسلم للاعتداء، وإذا كان العدل وأداء الأمانة وإطاعة الله ورسوله أساس الحكم الإسلامى، فإن العدل مع المخالفين هو أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وإن القتال إذا كان العدل يستوجبه يكون أمرا لازما، فإذا اعتدى على الإسلام وأهله وجب القتال، ووجب أخذ الأهبة، وكان الحذر من الأعداء بقتالهم :(فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون
الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا.
وإن الخروح للقتال هو العلاقة المميزة بين أقوياء الإيمان وضعفاء الإيمان
ومنهم المنافقون، فهؤلاء وأولئك يقولون :(... لولا أخرتنا إلى أجل قريب...
وشأن الضعاف أن يزيلوا عن أنفسهم مظنة التقصير، وينسبوا ما يصيبهم من سيئة لغيرهم، وينكروا فضل ذوى الفضل :(... وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا، .